[ad_1]
يعيش الأردن حالة من عدم الاستقرار
الاجتماعي-السياسي سببها الأزمة الاقتصادية المزمنة في الأردن، وتظهر
تحركات ملك الأردن عبد الله الثاني وتعدد سفرياته خارج الأردن خلال
الأسابيع الأربعة الماضية في إطار حملة علاقات عامة واسعة تستهدف
الحكومات الغربية في أوربا والولايات المتحدة، عمق أزمة النظام
والبلد.
وفي إطار حملة العلاقات العامة التقى
الملك عبد الله الثاني بكل زعيم غربي سيستمع إليه. في الوقت نفسه،
ويسعى الملك عبد الله بشدة إلى الحصول على معلومات حول ما يمكن أن
تكون عليه “التحركات الكبيرة” التالية في منطقة الحوض
العربي-الإسلامي، وما يطمئنه إلى عدم وجود “مؤامرة
عربية-أميركية-إسرائيلية للإطاحة بنظام الحكم في الأردن
واستبداله بجمهورية فلسطينية”. وتشير مصادر سياسية واستخبارية غربية
إلى أن تلك المخاوف وعدم الثقة التي يعاني منها الملك ليست جديدة
ولكنها اشتدت مؤخرًا مع تزايد المعارضة الشعبية، حيث أصبح الاقتصاد
الأردني أكثر توترًا، لدرجة أن تغيير النظام ربما لم يعد أمرا
مستحيلًا.
وقام ملك الأردن في شهر تشرين
الثاني/نوفمبر الماضي لوحده بزيارة بريطانيا والإمارات العربية
المتحدة ومصر والجزائر وإيطاليا، وهذه الزيارات ليست جديدة على الملك،
لكن الزيارات الأخيرة كانت مختلفة.
ونقل موقع “جافا جي JaFaJ” الاستخباري، في تقرير مطول نشره يوم السبت الماضي،
عن مسؤول إيطالي كان عضوًا في الوفد الذي التقى مع الملك عبد الله
خلال زيارته الأخيرة إلى روما قوله إن “الملك بدا مرتبكًا وغير متماسك
على الرغم من محاولاته رسم صورة الواثق في حديثه وكان حريصا على القول
أنه ملم بكل ما يجري في بلاده وأنه ممسك بزمام الأمور”، غير أن
المسؤول الإيطالي الذي لم يفصح التقرير عن هويته سوى أنه في منصب
حكومي مرتبط بالشؤون الخارجية، قال: “هذا ليس عبد الله الذي
عرفته خلال العقد الماضي.”
وكما ذكر الموقع أن مصدرا استخباراتيا
غربيا في عمان أسر مؤخرا لدبلوماسي أوروبي يقدم تقاريره إلى المفوضية
الأوروبية للشؤون الخارجية ، بأن “مسؤولين من الديوان الملكي الأردني
كانوا صريحين للغاية بشأن هدف الملك من زيارة إيطاليا”. وأضاف المصدر
أن الملك “أراد أن يقابله المسؤولون الإيطاليون لرفع مكانته وإقناع
العالم بأنه لا يمكن الاستغناء عنه”. وتابع المصدر بالقول “كان هدفه
الثاني هو لقاء أصدقائه المقربين من الفاتيكان، بالإضافة إلى بعض
الشخصيات السياسية الإيطالية المؤثرة الأقل شهرة وأعضاء فرسان مالطا،
وخلال الاجتماعات ، كان الملك يطرح أسئلة حول مستقبله والتحركات
الكبيرة المقبلة في الشرق الأوسط “.
يذكر أن الأردن إحدى الدول القليلة
جدًا في العالم التي تعترف بنظام فرسان مالطا كدولة رسمية وتسمح لها
بسفارة معترف بها في عمان، وفرسان مالطا تعمل تحت مظلة الفاتيكان وتضم
شخصيات مؤثرة يرتبط بها الملك عبد الله.
ويشير التقرير إلى أن الملك الذي
تنتابه المخاوف يسعى إلى الحصول على معلومات بشأن الموقف الغربي تجاه
الأردن ونظامه، فقد نقل موقع “جافاجي” عن مسئول غربي تأكيده أن “الملك
وزوجته الملكة رانيا كانا يكرران نفس الأسئلة لقادة العالم خلال
اجتماعاتهم.” وأوضح المسؤول أن “الأسئلة التي طرحها الملك كانت
بالأساس حول مستقبل الأردن واحتمال قيام عمل عسكري إقليمي ضد إيران”.
وأضاف أنه في الوقت الذي حذر فيه الملك عبد الله وزوجته من
توجيه ضربة لإيران، فقد طالبا بموقف غربي أكثر صرامة ضد إسرائيل.
وأضاف المسؤول أن “الملك أصبح مهووسا بوهم أن الإسرائيليين يتواطئون
ضده مع الولايات المتحدة والإمارات العربية والسعودية”.
كما نقل موقع “جافاجي” عن مصادره أن
الملك عبد الله يمر بمرحلة متطرفة من المخاوف غير المبررة. وقالت
مصادر مقربة من الملك إنه “يشعر بشيء ما يجري على قدم وساق” وهو مقتنع
بأن “العرب والأميركيين والإسرائيليين ويهود العالم جميعهم يتآمرون ضد
نظامه في محاولة للإطاحة به ووضع فلسطيني في منصبه”، علاوة على ذلك،
يدعي الملك أن “لديه أدلة لدعم ادعائه”. وعندما طلب منه مشاركتها،
أجاب الملك بالقول أنه “وحده يستطيع رؤيتها لأنها سرية”. علاوة على
ذلك، أكدت مصادر استخباراتية مقربة من الدائرة الضيقة المحيطة
بالملك ، أنه “لا يهتم قليلاً بالشعب الأردني”. وأضافت أن “الملك
يعتقد أن لا أحد في الأردن قادر على فعل أي شيء ضده ، ناهيك عن
الإطاحة به. وأن ما يقلقه يعود إلى ما يسميه “الخارج”، وهي كلمة
يستخدمها غالبًا للإشارة إلى الغربيين “.
ويقول التقرير إن معظم الذين عملوا مع
الملك الأردني عن كثب يصفونه بأنه “ليس ألمع من بقية أفراد العائلة
والحكم” أو “ليس أكثر زعيم عالمي متميز” ، وقد دفعت وساوسه ومخاوفه
بكبير مستشاريه الاستخباريين فراس بن رعد بن زيد ، وهو أحد أبناء
عمومته، ويترأس “مكتب المخابرات الخاص” للملك إلى الاعتقاد بأن شيئاً
سيئاً يتم التآمر عليه ضد الملك وباقي الأسرة الحاكمة. وقد وضع خطة
لإحياء صورة عبد الله”. وتابع المصدر القول إن “بن رعد نفسه كان يتلقى
معاملة باردة من كبار رجال المخابرات الغربية”. ومن ثم يعتقد بن رعد
أنهم يخفون عنه معلومات عملياتية. ونتيجة لذلك ، فإنه يترجم حذر
المخابرات الغربية في التعامل معه شخصيًا، إلى عدم تأكد الغرب من بقاء
النظام”، غير أن مصدرا استخباراتيا أميركيا نفى أي مخاوف مزعومة من
أفراد الأسرة الحاكمة من وجود “نقص في التعاون” من الجانب الأميركي.
وأضاف المصدر الاستخباري: “الأردن حليف مهم وأي مزاعم بأننا (الحكومة
الأميركية) نقلص تعاوننا أو دعمنا لا أساس لها من الصحة”. ومع ذلك ،
أفاد ضابط استخبارات غربي يعمل في العراق وخدم سابقًا في عمان أنه
“إذا كان هناك شخص ما يخفي معلومات من الأردنيين ، فذلك بسبب عيوبهم”.
وأضاف المصدر “لقد قاموا بعمل جيد لنا ، لكنهم ارتكبوا أيضًا العديد
من الأخطاء، وهي أخطاء لا يمكننا التغاضي عنها”. وتابع المصدر القول
إن “قدراتهم لا تزال محدودة وبالتالي فإننا نميل إلى منحهم أكبر قدر
من التعاون الذي نحتاجه وليس بوصة واحدًة أكثر. لا يمكننا أن نثق في
الأردنيين بنفس المستوى الذي كنا نثق به قبل أربع أو خمس سنوات ،
وعليهم أن يلوموا أنفسهم وليس نحن”.
ويشير التقرير أيضا إلى أن أحد هموم
الملك نابعة مما يعتقد أنه الموقف المحايد وغير المتدخل الذي أبدته
معظم الدول الغربية تجاه ولي العهد الأمير حسين. كان عبد الله ورانيا
يدعمان ابنهما لخلافة والده في وقت أبكر مما كان متوقعًا.
وتحاول الملكة بشغف الحصول على دعم
مضمون مسبقًا من القادة الغربيين لخلافة ابنها على العرش. على سبيل
المثال، حاولت عدة مرات إقناع القادة العرب والغربيين بمقابلة ابنها
بدلاً من الملك، كما طلبت رانيا من المسؤولين الغربيين الإدلاء
بتصريحات صريحة تؤكد دعمهم لخلافة الأمير حسين.
ويعتقد أفراد الأسرة الحاكمة أن هذا
ضروري لضمان انتقال سليم وسلمي داخل الأسرة. ومع ذلك ، فقد تلقت
ردودًا تتراوح بين “خفيفة إلى سلبية”.
واشتكى مصدر مقرب من الملكة
رانيا للمسؤولين البريطانيين من أن “موقف إدارة بايدن من خلافة ولي
العهد المحتملة على العرش هو أنها “شأن أردني ، لا يمكننا الإدلاء بأي
تصريحات قبل الأحداث لأنها قد يساء فهمها”. هذا حطم آمال الملكة
وفخرها بأن ابنها سيحل محل زوجها عندما يحين الوقت.
على الرغم أن الملك عبد الله لا يزال
يحظى بدعم ملحوظ لدى الحكومات الأوروبية فإن الأسرة الحاكمة وخاصة
الملك عبد الله غير متأكد من مستقبل الأردن. فغضب المواطنين الأردنيين
يتزايد إزاء أسلوب حياة الأسرة الحاكمة الباذخ بينما يواجه الناس
ظروفًا اقتصادية مروعة. وتشير كل المؤشرات إلى تنامي عدم الاستقرار
داخل البلاد في وقت لا تظهر مؤشرات واضحة على أن الحكم ينوي فعلا
القيام بإصلاحات حقيقية أو تغيير في السياسة والنهج الاقتصادي السائد
حاليا. وقد خابت آمال الملك الأردني في إمكانية الحصول على دعم مالي
من الدول العربية الخليجية.
إن الأردن يشهد حاليا في العديد من
المدن وخاصة في الجنوب حالة من التظاهرت الشعبية والإضرابات المطالبة
بضرب الفساد في الأردن وتحسين الوضع الاقتصادي وخفض الأسعار، ويرى
مراقبون أنها قد تؤدي إلى ثورة . فالبلد في وضع حساس وهش ، وهو محطم
سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ، وبالتالي فهو منفتح على التغييرات
غير المتوقعة. لذلك فإن تغيير النظام في الأردن ليس مستحيلًا ،
واحتمالات حدوثه تتزايد يوميًا.
* صحفي وكاتب فلسطيني
** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر
بالضرورة عن رأي الحياة واشنطن
[ad_2]
Source link