[ad_1]
تعتزم الصين بناء سد فائق لتوليد طاقة كهرومائية، ما
يُرتب تأثيرات محتملة على تدفق المياه العذبة إلى الهند من أحد أكبر
أنهار العالم، وهو الأمر الذي أثار مخاوف حول احتمال اندلاع حرب مياه
بين نيودلهي وبكين.
وأعلنت الصين في نوفمبر 2020 عن خطط
بناء سد فائق للطاقة الكهرومائية في التبت على جزء من نهر
“براهمابوترا” بالقرب من الهند، لافتة إلى أن تشييد هذا السد الضخم
على المجرى السفلي للنهر “براهمابوترا” في سفوح جبال الهيمالايا، جرى
تضمينه في الخطة الخمسية الـ14 للحزب الشيوعي الصيني الحاكم (2021 ـ
2025) والتي تحدد الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والتنموية
للصين.
وذكرت مجلة “ذا ديبلومات” الأمريكية، المتخصصة في
الشئون الآسيوية، أنه لا توجد تفاصيل محددة بعد عن مشروع بناء السد،
إلا أن تقارير وسائل الإعلام تشير إلى أن شركة بناء الطاقة
الصينية (PowerChina)، وهي شركة صينية مملوكة للدولة، بالتعاون مع حكومة
منطقة التبت ذاتية الحكم، ستنشئان السد بارتفاع 50 مترا على منعطف نهر
“براهمابوترا” في منطقة ميدوج في التبت بالقرب من الحدود الهندية، ومن
المتوقع أن يولد السد 60 جيجاوات من الطاقة
سنويا.
واتسم رد فعل الهند على إعلان الصين
بناء السد المقترح، بقلق شديد إذ أعلنت نيودلهي أيضًا دراستها بناء سد
بقدرة 10 جيجاوات للتخفيف من حدة التأثير على تدفقات المياه من مشروع
سد الصين الضخم.
ويعتبر نهر “براهمابوترا” من أهم الأنهار التي تعبر
الحدود الصينية الهندية، بل وتتعاظم أهميته بالنسبة لكل من الهند
والصين، أكثر دول العالم اكتظاظا بالسكان، ولذلك يعتبر نهرا حيويا
للغاية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلدين، إذ يوفر
للهند ما يقرب من 30% من موارد المياه العذبة و40% من إجمالي إمكانات
الطاقة الكهرومائية لها.
أما بالنسبة للصين، فإن دور النهر في إمدادات المياه
محدود، لكنه يقدم دورا مهما للصناعات الزراعية وتوليد الطاقة في منطقة
التبت وكذلك يتميز بأهمية حضارية هناك.
ورغم تأكيد الصين تخصيص السد لتوليد
الطاقة الكهرومائية فقط دون التسبب في انخفاض مستوى المياه المتدفقة
عبر النهر، إلا أن الهند مازال لديها شكوك وردت بمطالب تم رفضها من
جانب الصين، مثل حق استخدام السد وإنشاء آليات إضافية لمراقبة أنشطة
الصين في النهر.
ورأت “ذا ديبلومات” أن الخلاف الإقليمي
التاريخي بين الصين والهند يزيد من تعقيد الأمور، ويرجع ذلك إلى تأكيد
كلتاهما على حقها في أراضي شرق جبال الهيمالايا، والتي تحكمها الهند
حاليا باسم ولاية “أروناتشال براديش”، لكن الصين تطالب بها باسم
“التبت الجنوبية”، وهي منطقة يقطنها أكثر من مليون شخص وتحتل مساحة
تقارب 90 ألف كيلومتر مربع، ونتيجة النزاع عليها نشأ توتر شديد في
الثقة بين الحكومتين في جميع القضايا المتعلقة بالمناطق الحدودية، بما
في ذلك تقاسم المياه العذبة باعتبار أن النهر عابر
للحدود.
وتعتبر الصين “القوة العظمى في المنبع” بآسيا، وليس
لديها سياسة مستقلة للتعامل مع الدول المطلة على النهر العابر للحدود،
ولكنها تدير هذه القضايا كجزء من سياستها الخارجية الثنائية المدفوعة
بالتحديات المحلية مثل انعدام الأمن المائي والحاجة إلى تأمين الطاقة،
فضلاً عن البرامج الدولية مثل مبادرة الحزام والطريق.
وأشارت المجلة إلى أن الصين لم توقع
على اتفاقيات تقاسم المياه أو معاهدات المياه العابرة للحدود، بسبب
عدم ثقتها في الأطر متعددة الأطراف لحل النزاعات الدولية، لكن رغم
انتقاد الصين لرفضها التوقيع على تلك الاتفاقيات، فإن معظم جيران
الصين الـ17 من دول مصب نهر براهمابوترا، بما في ذلك الهند، لم يوقعوا
على مثل هذه الاتفاقيات، بل إن الصين تلتزم باتفاقية الأمم المتحدة
لعام 1997 بشأن قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية
الدولية دون التوقيع على الاتفاقية، بينما توجد تساؤلات حول مدى
التزام الهند بتلك الاتفاقية، حيث جادل مراقبون بأن نيودلهي تروج
لادعاءات “الهيمنة الصينية” للدفاع عن مشروعاتها الخاصة في تطوير
الطاقة الكهرومائية على النهر.
وحذرت المجلة الأمريكية من
أن تعقد قضية “السد الصيني الكبير” ذات التداعيات متعددة الأبعاد،
يساهم في إثارة مخاوف حروب المياه في المستقبل بين الهند والصين، رغم
أن السد نفسه لم يتم تشييده بعد، إلا أن حجمه وتأثيره المحتمل على
تدفق الأنهار وعدم وجود شفافية بخصوصه، أدى إلى زيادة مخاوف الهند من
نقص المياه، مما يضيف تعقيدات لا داع لها على العلاقات الجيوسياسية
المتوترة بالفعل.
[ad_2]
Source link