من يطفئ النور في أميركا؟ منظمات محلية تحت المراقبة

[ad_1]

مخاطر جدّية تهدد البنى التحتية
الأميركية في الأسابيع الأخيرة، ما دفع وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو
مايوركاس، إلى تحذّير مراكز القوى من استمرار هجمات وأعمال تخريبية ضد
المنشآت الأميركية وشبكات توليد الطاقة تحديداً، التي تنامت بعد
انتهاء الانتخابات النصفية،

وقال “تعرضت بعض البنى التحتية لهجوم،
تشير الأدلّة الأوليّة أنه كان متعمداً. نحن نعمل مع شركات الطاقة
والمجتمعات المحلية بشأن هذا الامر”، موضحاً أن البيانات المسجّلة لدى
السلطات الأمنية المختلفة تشير إلى هوية الفاعل/ين بأنها “ليست فرداً
متطرفاً أو مجموعة صغيرة، بل تهديداً يغطي عموم البلاد” (في خطاب له
في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”، واشنطن، 5 كانون
الأول/ديسمبر 2022).

يُشار إلى تعرّض منشآت توليد الطاقة
إلى سلسلة هجمات “متعمّدة” في ولايات الساحل الغربي، ولايتي واشنطن
وأوريغون، خلال عطلة “عيد الشكر” الشهر الماضي، استهدفت نحو 5 محطات
توليد، بحسب بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي، “أف بي آي”. وأقرّت
الأجهزة المختصة بأن أضرارها الناجمة “شبيهة بما تعرّضت له محطات
توليد الطاقة في ولاية نورث كارولينا”، في 3 كانون الأول/ديسمبر
الحالي، والتي أسفرت عن انقطاع مفاجيء للتيار الكهربائي عن نحو 40،000
مواطن، وحلول الظلام وإغلاق المدارس في اليوم التالي.

الهجوم الأخير في الساحل الشرقي من
البلاد، بحسب المصادر الرسمية، تمّ بإطلاق أعيرة نارية على محطتين
لتوليد الكهرباء، بالقرب من أكبر مدن ولاية نورث كارولينا، شارلوت.
السلطات المحلية تتعامل معه كحادث جنائي عقب اكتشافها سرقة بعض
المعدات الخاصة في الأماكن المستهدفة، وأن “الفاعل أو الفاعلين على
بيّنة تامّة بما سيسفر عنه من نتائج”.

اللافت أن ما تتعرّض له منشآت البنى
التحتية من أضرار حالياً يأتي في سياق الانقسامات الاجتماعية الحادة
للمجتمع الأميركي، وذلك على خلفيات سياسية واقتصادية وتهميش منظّم
للشرائح الاجتماعية الأوسع. 

فقد شهدت ولاية كاليفورنيا في عام 2013
“هجمة منظّمة” أضرّت بمحطات توزيع التيار الكهربائي لأهم منطقة تؤوي
قطاعات التقنية المتطورة، “سيليكون فالي”، استخدمت فيها أسلحة نارية
“عالية الطاقة” لتدمير محوّلات التوليد، إضافة إلى محطة تقاطع الألياف
البصرية وتعطيل سبل الاتصالات.

يذكر أن شركة “بي جي آند إي”،
PG&E، الموردّ للطاقة في “سيليكون فالي”، أنفقت نحو 100
مليون دولار لتحصين محطات التوليد من الهجمات المعادية. لكن الأجهزة
الأمنية بالتضافر مع الشركة المذكورة لم تعلن عن اعتقال أي مشتبه به
في تلك الهجمات.

وجاء على لسان الأجهزة الأمنية
المختصّة، في شهر شباط/فبراير 2022، أنها ألقت القبض وأدانت 3 عناصر
“من العنصريين البيض” لتورّطهم في التخطيط لشن هجمات تستهدف محطات
توليد الطاقة تؤدي إلى توقّف تام في عموم الشبكات المنتشرة في البلاد،
والتي لو نجحت الخطة لاستطاعت شلّ الشبكة لعدة أشهر، وربما التسبب
باندلاع حرب أهلية، بحسب المصادر الرسمية.

وكشفت تلك الأجهزة عن سلسة أخرى من
“الاقتحامات والتشويش المتعمّد” لمحطات فرعية لتوليد الطاقة، خصوصاً
في ولاية فلوريدا، التي شهدت نحو 6 حوادث تعدٍّ على منشآتها مؤخراً،
بحسب بيانات الشركة المورّدة، “دوك إنيرجي”.

تساوقت النخب الفكرية والسياسية
الأميركية مع السردية الرسمية القائلة بأن “أميركا تتعرّض لسلسة هجمات
غامضة تستهدف قطاع نوليد الطاقة اسفرت عن انقطاع متواصل للتيار
الكهربائي لمئات الآلاف من المواطنين”،  وقعت في 4 ولايات على
الأقل في الأشهر الثلاثة الماضية، ورافقها تسليطها الضوء على قرصنة
بيانات حديثة طالت بيانات هيئة الضمان الاجتماعي وسجلاتها، وما يشكّل
مخاطر  على عشرات الملايين من المواطنين المسجلين
لديها.

على الرغم من إقرار وزير الأمن الداخلي المتأخر،
والذي حمّل المسؤولية لمجموعات يمينية متطرفة أميركية، وجّهت وسائل
الإعلام الكبرى الاتهام مباشرة إلى الصين. ونقلت شبكة “أن بي سي”
للتلفزة عن جهاز “الشرطة السريّة” ما “يعتقد بأن مجموعة قراصنة تدعى
“APT41″ استطاعت التسلّل واختلاس نحو 20 مليون دولار من
الأموال المخصصة لإغاثة المتضرين الأميركيين من وباء كوفيد”. وأفاد
مسؤول الجهاز المذكور بمتابعة “أكثر من 1،000” قضية تحقيق عنوانها
تقصّي تعاملات لاختلاس الأموال العامّة يديرها محليون وأجانب (موقع
شبكة “أن بي سي”، 5 كانون الأول/ديسمبر 2022).

في الوقت نفسه، كشف تقرير المفتش العام
لوزارة العمل الأميركية عن “ضياع نحو 20% من ميزانية قدرها 873 مليار
دولار” مخصّصة لتعويض من فقد عمله بسبب الجائحة. وأوضحت “مؤسسة
هاريتاج” اليمينية في دراسة أصدرتها بأن 4 ولايات صرفت نحو 350 مليار
دولار من ميزانياتها المخصصة لمكافحة البطالة أنفقتها بغير وجه حق.
(المصدر أعلاه).

نظرة سريعة على تناقض السرديات الرسمية
الأميركية مع ترويج النخب الإعلامية والسياسية لأجواء معادية للصين
وروسيا، على قدم المساواة، تدلّ على غياب الدليل المادي الملموس
لاتهامهما، وصرف الأنظار عن تقصير المسؤولين الأميركيين في أداء
واجباتهم على الصعُد المختلفة.

تتجاهل النخب المذكورة جهودها
الإعلامية السابقة في تحميل الحكومة المركزية الأميركية مسؤولية
إهمالها ثغرات البنى التحتية الهشّة ولعدم تحديث خطوط شبكات الكهرباء،
خصوصاً في مطلع عام 2014، عند اجتياج موجة صقيع قارص للبلاد “كشفت
عيوب” شركاتها الكهربائية، وأسفرت عن إعلان حالة الطواريء في بعض
الولايات “وتعطلت أعمال بعض مصافي النفط الحيوية، وتضررت شبكة
المواصلات البرية والسكك الحديدية والجوية، وأقفلت الهيئات الحكومية،
ما أدى إلى تعطيل وتيرة حياة نحو 140 مليون مواطن أميركي، إضافة إلى
زهاء 100 مليون يقطنون الشريط الجنوبي المأهول من كندا”.

ايضاً وخلال تلك الحوادث أعلاه، سارعت
الأجهزة الأمنية الأميركية إلى توجيه التُهم إلى الصين، لاعتقادها
بأنها “ألحقت الضرر بـ 5 شركات نفط وغاز أميركية عملاقة”.

كشف تقرير صادر عن “مكتب المحاسبة
الحكومي” نذرٌ يسير عن هشاشة الشبكات الأميركية التي “تتضمن عدداً من
الثغرات المتراكمة، يعزى بعضها إلى تنامي اعتماد أجهزتها على جهود
التحكّم عن بُعد، ما يتيح الفرصة لعناصر التهديد (الكامنة) الدخول إلى
تلك النُظُم وتعطيل محتمل للعمليات الاعتيادية” (تقرير بعنوان “تأمين
شبكة توزيع الكهرباء الأميركية من هجمات إلكترونية”، 12 تشرين
الأول/أكتوبر 2022).

ورأت الدراسة الرصينة أن جهود وزارة
الطاقة لبلورة “خطط عمل وإرشادات لتطبيق استراتيجية وطنية (شاملة)
لحماية الشبكة من الهجمات” أهملت إدخال “ميّزات أساسية وفاعلة في
الاستراتيجية الوطنية”، وتجنّبت الخوض في عملية تقييم شاملة لجميع
المخاطر التي تهدد الشبكة، على سبيل المثال.

كما انتقدت الدراسة “الوكالة الفيدرالية لتنظيم
الطاقة”،
Federal Energy Regulatory Commission، المشرفة على تنظيم خطوط نقل الكهرباء عبر
الولايات، لعدم قيامها “باتخاذ تدابير لضمان تطابق معاييرها النموذجية
مع الإرشادات الفيدرالية الخاصة بحماية البنى التحتية الحيوية، كما أن
معاييرها المعتمدة لا تشمل إجراءات تقييم شاملة لمخاطر الأمن
الإلكتروني”، خصوصاً لناحية ثبات مواقع محطات التوليد الفرعية ما يسمح
للمجموعات المتطرفة التعرّف إلى نقاط الضعف الكامنة واستغلالها لتحقيق
مآربها.

الحلقة المركزية المفقودة لسبر أغوار
“هشاشة الشبكة وتآكل بناها التحتية”، في ذاك الكم الهائل من الدراسات
المختصة، هي مسؤولية سياسة “خصخصة المرافق العامة”، من كهرباء وماء،
عن تفاقم صلاحية الشبكة، والتي دشّنها الرئيس الأسبق رونالد ريغان،
أرفقها بتخفيف قيود الإشراف الفيدرالي على أعمالها المتعددة، إضافة
إلى تقليص حجم الاستثمارات الحكومية لتطوير الشبكات وتحديثها وحصر تلك
المهمّة بالشركات الخاصة المعنية.

ومنذ تلك الأيام الخوالي، ومع ازدياد
الطلب على التيار الكهربائي، بفعل التكاثر السكاني والنموّ المضطرد
لقطاع التقنية المتطوّرة، يستمر تقصير الشبكة وعدم قدرة أجهزتها تلبية
الاحتياجات المتواصلة.

لم تسلم الحكومة الفيدرالية المركزية
من انتقاد “مكتب المحاسبة”، المشار إليه، بأنها “لا تملك استيعاباً
جيداً لمديات انعكاس الهجمات المحتملة على الشبكة”، مطالباً أجهزتها
المركزية من “وزارة الطاقة وبالتنسيق مع وزارة الأمن الداخلي،
والشركاء في القطاع الخاص” إنجاز دراسة معمّقة تحدد فيها الثغرات
الكامنة في شبكات التوزيع.

 

* مدير مكتب
الميادين في واشنطن

** جميع الآراء المنشورة
تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “الحياة
واشنطن

[ad_2]

Source link