اختراع مليون كذبة لا يخلق حقيقة واحدة

[ad_1]

بهذه المقولة رد وزير الثقافة
الفلسطيني عاطف أبو سيف، على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها
مؤخراً وزير المالية الإسرائيلي في باريس بنفيه وجود شعب فلسطيني، إلى
جانب وضع خارطة إسرائيل متضمنة الاراضي الفلسطينية والاردنية.

وفي النظر إلى مجمل ما تتعرض له
الحالة الفلسطينية من حرب علنية وغير علنية يفرضها الاحتلال
الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني بمعظم عناصره، إلى جانب روايته
الوطنية العادلة والشاملة لمعاناته التاريخية، فإن وزارة الثقافة
الفلسطينية وباقي الوزارات في فلسطين والمؤسسات الرسمية وغير
الرسمية المعنية بالعمل الإعلامي وعرض الرسالة الوطنية ونقلها
إلى العالم، هي شريكة بشكل كلي في تدمير تلك الرواية وايصالها
إلى حالة غير مسبوقة من الضعف عبر حصرها في شكلها التقليدي بعد
سنوات من المعاناة والتضحيات قًدم فيها آلاف الشهداء والأسرى
والجرحى وهدمت البيوت وشُرد ورُحل من رُحل.

منذ اندلاع انتفاضة الأقصى قبل 23
عاما وحتى اليوم ظلت الدوائر الإعلامية والرسمية الفلسطينية معتمدة
اعتمادا كليا على ما تقدمه الوكالات الأجنبية عن الحالة الفلسطينية،
وظهر عجزها التام في عرض الرواية الفلسطينية بشكلها العادل والمناسب
للعالم بكل لغاته المختلفة، مع العلم أن مبالغا فلكية تم صرفها على
قطاع الاعلام الرسمي عبر تلك السنوات بموافقات دائمة من الرئيس الراحل
ياسر عرفات، وصولا إلى الرئيس محمود عباس اللذان لم يرفضا يوما أي
مشروع إعلامي لكل المسؤولين الذين كانوا يقدمون مشاريع إعلامية وهمية
مقابل عشرات ملايين الدولارات طوال تلك السنوات، بحسب تصريحات رسمية
قالها الكثير من القادة الفلسطينيين الحاليين في مناسبات
متعددة.

كان يفترض بالوزير أبي سيف منذ
استلامه وزارة الثقافة أن لا يقبل التقوقع في الدائرة المحلية وأن
يستثمر في عشرات الموظفين في وزارته الذين يتقاضون رواتب مقابل دوام
تقليدي، وأن يقدم مشاريع فاعلة فيها مبادرات مهنية قوية بكل لغات
العالم يتم صياغتها بالعمل المشترك مع مئات المكاتب والمؤسسات
والسفارات الفلسطينية المنتشرة حول العالم والتي تم الإنفاق عليها
مئات ملايين الدولارات منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية حتى
اليوم..

وإذا ما أردنا الإشارة إلى المسؤول
أيضا عن حصر الرواية الفلسطينية في جغرافيا محددة ورسالة ضيقة، على
الرغم من  التطور التكنولوجي الرهيب وقوة وسائل الإعلام الحديث
فإن المؤسسة الإعلامية الرسمية الفلسطينية شريكة أيضا في ذلك، نظراً
لتوفر الموازنات لديها والنفقات الفلكية فيها الإ أنه لا يوجد أي
محتوى أسبوعي أو شهري أو حتى مجلة سنوية تقدم بلغات العالم يجمل فيها
ما يجري في الأراضي الفلسطينية من ظلم تاريخي يتعرض له شعب أعزل
كل يوم.

لا أعلم لماذا يذهب القائمون على
الإعلام الرسمي الفلسطيني إلى افتتاح مكاتب للتلفزيون في عمان
والقاهرة ويتم تخصيص موازنات سنوية تصل إلى ما يقارب المليون
دولار، مع العلم أن اغلب وسائل الإعلام الرسمي وغير الرسمي في
البلدين مجند لصالح القضية الفلسطينية، ولماذا لا يتم استغلال تلك
الأموال في تأسيس منصة إعلامية حديثة من الولايات المتحدة أو إحدى
العواصم الأوروبية والاستفادة من خبرة مئات الصحفيين والمؤثرين
الفلسطينيين والعرب القادرين على خلق حالة إيجابية لصالح القضية
الفلسطينية، عبر محتويات مهنية فيها عرضا حقيقيا لما يجري بعيدا عن
التقليدية  وتمجيد أصحاب القرار بناء على محسوبيات ضيقة
عفنة.

يزور فلسطين كل شهر عشرات المسؤولين
الدوليين من سياسيين وأمنيين واقتصاديين وغيرهم، لماذا لم نر يوما أي
مقابلة تلفزيونية خاصة يعرضها التلفزيون الرسمي لأحد هؤلاء ويتم
إحراجه على الهواء بأسئلة جوهرية كتلك التي يحرج بها مذيعو الجزيرة
مثلا لأولئك المسؤولين عن استضافتهم وعرض الواقع الفلسطيني الأليم
أمامهم .

وما ينطبق على الإعلام الرسمي ينطبق
على وسائل الإعلام الفلسطينية الخاصة التي أثبتت التجارب أنها على
مدار تلك السنوات كانت أبواقا حزبية وغير حزبية وكانت مجرد منصات
لمشاريع وهمية للحصول على منح مالية غير مستحقة من مؤسسات دولية فاسدة
تحت شعار تعزيز حرية الرأي في الأراضي الفلسطينية حتى قبلت بحصول أحد
القائمين على واحدة منها على راتب شهري يصل إلى 20 ألف دولار دون
أن نرى مقالا واحدا له على مدار عشرين عاما، وهذا مثله مثل العشرات من
الإعلاميين الوهميين المحسوبين على دول ومؤسسات أوروبية وأجنبية في
الأراضي الفلسطينية.

ما عرضته هو مثال بسيط لواقع مرير
تعيشه الرواية الفلسطينية، ويتحمل مسؤوليته في المقام الأول القيادة
الفلسطينية بكل مكوناتها على إيصالها تلك الرواية إلى هذا الوضع
الكارثي، إلى جانب كل موظف في المجال الثقافي او الاعلامي او
الشبابي في المؤسسة الرسمية قبل لنفسه أن يكون مغيبا وشاهد زور
ومنافق لمسؤوله من أجل الحفاظ على راتبه المالي نهاية كل شهر، فإختراع
مليون كذبة لا يخلق حقيقة واحدة هي ليست فقط  لوزير المالية
الاسرائيلي او غيره من أعضاء حكومته المتطرفة إنما هي
لعشرات المسؤولين الفلسطينيين الذين أصبحوا عالة على الحالة
الفلسطينية وشركاء في طمس وتدمير وتهويد اعدل قضية على وجه الأرض بقصد
او بدون قصد.

 

[ad_2]

Source link